بغداد قالت إنه يعوق مشاريعها البحرية ..أزمة ميناء "مبارك الكبير" الكويتي تنذر بتصعيد سياسي مع العراق

مع اقتراب ذكرى الغزو العراقي للكويت في الثاني من أغسطس/آب أخذت قضية بناء ميناء مبارك الكبير في الكويت السجال الساخن في العلاقات السياسية بين الكويت والعراق.
ويعتبر العراق أن ميناء مبارك الذي تعتزم الكويت إنشاءه على جزيرة بوبيان، أي على الممر المائي الضيّق المؤدي إلى الموانئ العراقية، هو عملية خنق متعمد لعزل العراق مائياً عن العالم.
وعلى الجانب الكويتي يعد ميناء مبارك الخطوة الأولى لتحويل الكويت إلى مركز مالي بالمنطقة؛ حيث يقع في جزيرة بوبيان في أقصى شمال غربي الخليج العربي، وتعد بوبيان ثاني أكبر جزيرة في الخليج العربي بعد جزيرة قشم الإيرانية.
ويمر الميناء بأربعة مراحل للبناء، حيث إن المرحلة الأولى سوف تنجز عام 2015 بأربعة أرصفة مع وجود مخطط هيكلي مستقبلي يصل إلى 60 رصيفاً. والميناء سيكون من أكبر الموانئ بالشرق الأوسط، وسيحوي أكبر ممر مائي بالمنطقة يصل مداه إلى 20 متراً.
ومن ناحية أخرى، عرض وزير النقل العراقي هادي العامري، في اجتماع الحكومة العراقية الذي نُقل على الهواء مباشرة في وقت سابق، تفاصيل المشكلة.
وترى وجهة النظر العراقية أن ميناء البصرة الكبير الذي باشر العراق العمل فيه كواحد من أكبر موانئ المنطقة بكلفة 4 مليارات و400 مليون دولار، سيفقد قيمته الاقتصادية بسبب تجاوز الكويت على المسطح المائي العميق في خور عبدالله.
وقال عضو منظمة الملاحة العربية الدولية ياسين عبدالإله: "إن البواخر ستمتنع من الدخول في عمق خور عبدالله على اعتبار أن المسطحات المائية عميقة بنسبة 90% في الحدود الإدارية الكويتية".
وذكر الخبير الاقتصادي عضو المنظمة الدولية (P.O.R) الأممية لمتابعة شؤون المياه في العراق، رياض جواد، أن ميناء البصرة الكبير سيفقد وحسب الدراسات الأولية 60% من قيمته الاقتصادية للعراق.
ويسعى العراق من خلال تشييد ميناء البصرة إلى تغيير خارطة النقل البحري العالمية؛ كونه سينقل البضائع من اليابان والصين وجنوب شرق آسيا إلى أوروبا عبر العراق.
وتعمل بغداد على بناء منظومة نقل متكاملة تربطه مع الدول الإقليمية عبر القناة الجافة التي تصل بين دول البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي ودول شرق آسيا، وتعد أكبر قناة نقل في العالم.
وأفاد الخبير رياض جواد بأن "العراق والكويت متفقان على إنشاء الموانئ لكن من دون التجاوز على الممر المائي، خاصة أن المعلومات التي حصلت عليها الحكومة تؤكد تقدم الجانب الكويتي لنحو كيلومتر باتجاه الممر المائي العميق في خور عبدالله المشترك".
وذكر النائب الكويتي فيصل المسلم، عضو مجلس الامة الكويتي، لـ"العربية.نت" أن "قضية ميناء مبارك مفتعلة من قبل الحكومة العراقية، وأن المالكي وعداوته للكويت جاءت مثالاً واضحاً في مثل هذا الأمر". واعتبر المسلم أن "الحكومة الإيرانية تحرك عملاءها ومناصريها في العراق لاختلاق الأزمات بالمنطقة".
وأكد "أن ميناء مبارك يقام على أرض كويتية، ويمثل سيادة لا يمكن المساس بها". وطالب الحكومة الكويتية بـ"التعامل الصلب والحازم وعدم الخضوع لمثل هذه الابتزازات"، وفيما أبدى تفهماً لدواعي حُسن الجوار والدبلوماسية والأبعاد السياسية, أكد "أن الكويت اليوم أمام محك، والتعامل مع حكومة المالكي لا يكون إلا باللغة الصلبة".
وإلى ذلك، طالب الدكتور عبدالله الشايجي، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت، الخارجية الكويتية بمخاطبة الحكومة العراقية لتوضيح مواقفها تجاه عدم تطبيق قراري مجلس الأمن رقم 833 والخاص بترسيم الحدود و678 والخاص بوقف إطلاق النار والتعويضات الكويتية.
وطالب أيضاً بتوضيح موقف العراق تجاه التهديدات للبعثة الدبلوماسية الكويتية الموجودة بالعراق من قبل الأحزاب والميليشيات العراقية.
كما ربط الشايجي توقيت "الابتزازات العراقية بشأن ميناء مبارك الكبير" بتطورين مهمين هما "اقتراب موعد الانسحاب العسكري الأمريكي الكلي من الأراضي العراقية، وترتيبات إقليمية تسعى العراق من خلالها لإبقاء المنطقة على درجة عالية من عدم الاستقرار".
وأكد أن "أمن الكويت جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار الخليج العربي".
وتعد مشكلة ميناء مبارك الأحدث في ملف العلاقات العراقية - الكويتية التي تضم قضايا كثيرة منها الحجز على الطائرات العراقية ومنعها من الهبوط في مطارات العالم، وتعرّض الصيادين العراقيين إلى الاعتداء الذي وصل إلى القتل على يد الأمن الكويتي، فضلاً عن الديون والتعويضات التي تصرّ الكويت على عدم إسقاطها بعد أن أسقطت معظم دول العالم ديونها عقب سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين عام 2003.
ويرى المحلل السياسي أحمد الأبيض أن "هناك أطرافاً داخلية وخارجية تستفيد من تشنج العلاقات بين العراق والكويت. في الداخل العراقي هناك من يحمل نفس توجّه النظام السابق ويحاول بعثرة الأوراق مع الجانب الكويتي لتظل العلاقة متشنجة. وهذا الأمر ينطبق ايضاً على الداخل الكويتي، إضافة الى أن هناك أطرافاً كويتية تحاول تصدير أزمتها السياسية الداخلية الى الخارج ومن بينها استهداف العلاقات الكويتية ـ العراقية".
وأضاف: "العامل الخارجي يلعب أيضاً دوراً مهماً، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تتوقف عن إيصال رسائلها الى السياسيين العراقيين لتبيّن لهم حاجة البلاد إلى بقاء القوات الأمريكية".
وعلى الرغم من صعوبة أزمة ميناء مبارك، يبقى احتمال حلّها قائماً، فقد شرع الجانبان في تشكيل لجان مشتركة لحل المشكلات القائمة.
وفي النهاية، فإن ما يعزز احتمال التسوية هو رغبة حكومتي البلدين في الخروج من حالة التشنج التي شهدتها العلاقات الثنائية قبل عام 2003.

عاشت ايدك عمو ابو عمر

عاشت ايدك عمو هل هيج مواضيع جميلة